طرق تقويم العمل الدعوي

 

 

يواجه العمل الدعوي – ممثلا في برامجه ومشاريعه ومؤسساته المختلفة – مجموعة من التحديات والمستجدات الآنية والمستقبلية , وهذا يضعنا دائما أمام حتمية البحث عن التطوير والتغيير والمواكبة والإفادة من  كل ما من شأنه الرقي بتلك البرامج والمشاريع ورفعتها وزيادة أثرها .

غير أن كثيرا من مشاريعنا وبرامجنا الدعوية لا زالت ترزح تحت وطأة مجموعة من الاجتهادات الشخصية والتغييرات العشوائية التي تنطلق من رؤية ضيقة أو من فردية وحزبية مقيتة.

و حتى يمكننا أن نطلق على تلك البرامج والمشاريع  عملا مؤسسيا احترافيا فإنه يلزمنا الكثير الكثير من الجهد الصادق والمضني والنقد الهادف والجريء .

إذ أن كثيرا من الأعمال والمشاريع الدعوية الحالية أو الماضية كان يمكن ترشيدها والرفع من جودتها وإنتاجيتها لو أخضعناها لنقدنا وتقويمنا ولو راعينا عند بنائها مجموعة من المعايير والمهارات والأدوات حين قمنا بالتخطيط لها وتنظيمها وتقويمها .

وحديثنا عن تلك الحقبة أو فتح ملفات برامجها ومشاريعها  لا يجب أن يكون بغرض الاستنساخ أو الاسترجاع أو الإساءة لأحد ممن قام عليها , وإنما بهدف المراجعة والتقويم والاستفادة لا أكثر , وهذا بالطبع لا يقلل على الإطلاق من أثر  تلك المشاريع وعظم نفعها  وفضل القائمين عليها فهم أهل سبق وفضل وجهد لا ينكر ,غير أن لكل زمن ما يناسبه ولكل جيل ما يؤثر فيه ويحركه .

وسأتطرق في هذا المقال إلى  الجوانب التي يجب أن نقيمها في مشاريع وبرامج العمل الدعوي .

مع ملاحظة أن هذا المقال لن يجعل قارئه قادرا على تقييمها , ولكنه إجابة على : “ما الذي يجب علينا تقويمه في مشاريع وبرامج العمل الدعوي ؟”

إذ أن أي مشروع أو برنامج دعوي ننوي إقامته فإن هناك مراحل للتقويم تسبقه  وتواكبه وتأتي بعده .وهي على النحو التالي:-

 

أولا/ تقييم الحاجة للمشروع أو البرنامج الدعوي:-

وهذه المرحلة تسبق تأسيس المشروع وتخطيطه حيث ينبغي النزول إلى الميدان للتعرف على البيئة الدعوية وتحديد احتياجاتها ودراسة واقعها , ومعرفة الفرص المتاحة والمخاطر المحتملة ,ومن ثم تحديد احتياجات تلك البيئة من المشاريع والبرامج الدعوية  وما الذي يجب أن نبدأ به الآن وما يمكن تأجيله.

 

ثانيا/ تقييم المشروع أو البرنامج ونظرياته:-

إذ أن إقامة أي مشرع دعوي يجب أن يبنى على أسس ونظريات علمية متينة   . من هذا المنطلق يتحتم علينا تقييم ، ما إذا كنا اخترنا الأساس العلمي الأنسب؟ وما إذا كانت تطبيقاتنا صحيحة؟ وما إذا كانت هناك نظريات أخرى يمكن الاعتماد عليه أو الرجوع إليها؟  مع مراعاة أن كل ذلك يجب الرجوع فيه إلى أهل الخبرة والتخصص بعيدا عن الآراء الفردية أو التخمينات والاجتهادات.

 

ثالثا/ تقييم عمليات المشاريع الدعوية وتطبيقاتها:-

يهدر الكثير من الأوقات والأموال والجهود في كثير من المشاريع الدعوية بسبب اجتهاد خاطئ في سن عمليات وتطبيقات وإجراءات العمل , ولكي يتم تلافي ذلك فلا بد من التقييم مستفيدين من  أهل الخبرة  والدراية والتخصص في مجال التنظيم و الجودة  وكذلك الاستعانة ببيوت الخبرة المتخصصة ولو كلفنا ذلك الكثير من المال.

 

رابعا/ تقويم نواتج المشروع وآثاره:-

من أهم ما ينبغي تقويمه في المشاريع والبرامج الدعوية هو تقويم منتجات ومخرجات ذلك المشروع , إذ أن الحكم على المخرج معيار أساسي  من معايير الحكم على فاعلية المشروع وجودته , ويتم ذلك من خلال الإجابة على مجموعة من التساؤلات الهامة ومنها:-

 

–  مدى قدرة المنتج على أدائه للدور المنوط به في مجتمعه ؟

–  مدى قدرته على توظيفه للخبرات التي اكتسبها من خلال المشروع ؟

–  مدى أثر ذلك المنتج على البيئة التي يعمل بها ؟

–  ما الذي يجب علينا تغييره أو تطويره في المشروع لمواكبة تغيرات أو تحديات جديدة ؟

–  ما مدى جدوى استمرار هذا المشروع من عدمه ؟

 

 

هذه المستويات الأربع أساسية لتقويم أي مشروع أو برنامج دعوي لا يستغنى بأحدها عن الآخر , مع التأكيد على أنها يجب أن تتم من خلال أهل الخبرة والتخصص كل في مجاله .

وأخيرا لنكن على يقين تام بأن التغيير والتطوير والتحسين والمواكبة  خيار استراتيجي لا يجب التنازل عنه  أو التراجع منه أو استبداله ، فكل يوم تشرق شمسه يطل علينا بالجديد ويتطلب منا المزيد , والحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق بها ..

12 thoughts on “طرق تقويم العمل الدعوي”

  1. أخي عبدالله آل مشدود
    المقال جميل ويحاكي الواقع ، وقد أجدت في تلك الخطوات العملية لتقويم العمل الدعوي، وما أحوجنا إلى تقييم أعمالنا الدعوية.
    وفقك الله

  2. الأخ العزيز/ عبد العزيز القحطاني
    الأخ العزيز / محمد العنزي
    الأخ/الأخت حص البحر
    أشكر لكم مروركم وادعوكم للبناء على هذه الأفكار وتحويلها لبرنامج عملي

  3. ما شاء الله تبارك الله … يشعر الواحد منا كمشرفين للحلقات أننا بخير وسائرين قدما ما دام بيننا من يفكر هذا التفكير العميق … ونحن في أمس الحاجة إلى مثل هذا الفكر الدعوي المتقدم …
    أخوكم / يوسف

  4. أخي عبد الله
    لا شك أن التربية ومشاريعها وبرامجها هي أعمال بشرية بحاجة للإدارة الجيدة من تخطيط جيد وعمليات متقنة ومتابعة مستمرة وتقويم مناسب ومتى وجدت العقول النيرة-أمثالكم- التي تقوم باستخدام الإدارة الجيدة لتطوير الجهد البشري في التربية والدعوة إلى الله تعالى فإن مشاريعنا الدعوة والتربوية ستكون أكثر نجاحا وأكثر نضجا وستستقطب جمهورا أكثر من المربين والمتربين……….
    إن إدارة الدعوة ومشاريعها وبرامجها التربوية يجب أن تحضى باهتمام أكبر حتى تواكب التطور التقني والعلم المتسارع الذي يعيشه العلام في هذه الحقبة من الزمن…….بوركت وبورك قلمك ودمت للخير رائداا

  5. الأخ عبدالله
    الحقيقة أن عامل الزمن لم يعد يهضم بعض الأعمال الخيرية التقليدية التي تنطلق من حب النفع والعاطفة مع أهميتها, لكنها لاتكفي وحدها مالم نتعاطى مع المستجدات, والتحديات ونقف على أعتاب الماضي لنستشرف المستقبل بعقول تقف بأقدامها على أرضية صلبة من التجرد والتخطيط وتحمل رسالة عصرية واقعية وعيونها تمتد وتتطاول نحو رؤية مشرقة تتحدى قدرات الكوادر والموارد لتنشر ضوئها على رقعة من أرضنا المباركة وتحقق الإتقان المنصوص علية في السنة المطهرة.
    بارك الله فيك وفي مداد قلمك والمجال الخيري بحاجة ماسة إلى النقد والرصد وتقديم الجديد والمفيد.

  6. رائع جدا

    وأتمنى لو كان هناك دورات تدريبية

    عن متابعة و تقويم العمل الدعوي أن تخبرونا بها

    أذكر حضرت للمدرب تركي المحيميد عن متابعة العمل الدعوي

    حقيقة الموضوع مهم جدا ويحتاج مزيد طرح

  7. الأخت خولة
    الأخ يوسف
    الأخ راشد
    الأخ ابو ياسر
    الأخ راشد الراشد
    اشكر لكم مروركم وإبداء وجهات نظركم حول قضية مفصلية تخص العمل الدعوي . يبقى المقال محاولة لإثارة الاهتمام حول تقويم برامج العمل الدعوي لكنها بالطبع لن تجيب على كل التساؤلات وننتظر منكم المزيد

التعليقات مغلقة.

نُشرت بواسطة

إدارة الموقع

إدارة الموقع

موقع تربوي يقدم تجربته في الحوار والإثراء المعرفي من عالم التطبيقات وعالم الواتساب الصغير إلى عالم المواقع وعالم الإثراء الكبير.