حسن التخطيط وإجادة التقويم

 

 

من صفات المربي الناجح أن يكون على دراية تامة بالتخطيط, ومتطلباته, وآلياته, وكذلك حسن إعداده وتنفيذه, ومن ثم يأتي الإجادة في تقويم التخطيط, والتقويم هنا هو أحد وأبرز عناصر التخطيط..
التخطيط التربوي هو ذلك العمل التربوي الذي يُحقق لنا منتجاً تربوياً وفق أهداف وأعمال مدروسة, و التقويم في اعتباره جزء من التخطيط فإنه يقوم على إخراج نتيجة العمل مع إبراز جوانب القوة فتُعزز, ويُظهر جوانب الضعف فتتم معالجتها وفق علاج سلوكي تربوي. 

   

*وإن مما يجعل لهذه الميزة أهمية كونها أحد أبرز صفات المربي اعتبارات كثيرة, منها:
 

 1. أن السيرة النبوية المطهرة كانت نموذجاً بارزاً في هذا الجانب, ومن رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هجرته, ومُضيه لغزواته, وكذلك دعوته القبائل, واجتماعه دوماً مع كبار أصحابه, ثم تعزيزه للمواقف الرائدة, وتعديله للسلوكيات الخاطئة بأبهى طريقة, ومتابعته أحوال أصحابه, ومعرفته بهم معرفة جيدة تكفل له – عليه الصلاة والسلام- أن يتفرس فيهم ما يحتاجونه, وما يفتقدونه, وما هو يهمهم, وعلى هذا فإن بروز ذلك في الرسول المربي يجعلنا نوقن أن تربيته لم تكن ضرباً من العشوائية, والارتجالية الآنية. إنما تربية صالحة وفق منهج رباني قويم. 

 
 2. قصور بعض البرامج التربوية على فترة زمنية محددة, أو لا يكن من أثرها سوى الوقت الذي يقضيه البرنامج وذلك لفراغه من محتوى البرنامج التربوي الأصيل كالهدف التربوي الراقي, والكيفية الواقعية في التطبيق, والطرق العملية للتنفيذ, ومن ثم المتابعة والتقويم في ذلك.

 

3. توافر المشاغل والارتباطات على بعض المربين, مما جعل من رعيتهم نماذج متذبذبة القيم يُصدر فيما ليس له فيه قدرة, وهو في أصول معتبرة لا يعرف أساسها. وهم على أساس تواجده أسوياء, وفي غيبته أشقياء, ولو كان ذو برامج طويلة المدى أو متوسطة المدى لم يكن من أشغاله عبئاً يتحمله من معه. 

 
  4. وجود عدد من المتربين يكون في المحاضن والحلق أول عمره ثم لا يلبث إلا أن يكون خلف أسوارها وذلك يرجع لسوء متابعة من مربيه جعل من ذلك المتربي عالة. وهناك توافر كماًً ليس بالهين من المربين ليس له من انتاجه القديم من هم على الجادة, وجل عمله مع نوعيات جديدة كل فترة وجيزة, ويُعبر عن ذلك بأنه (شيخ مرحلة),وبالتالي فإن افتقاده لخطط تربوية لمن معه, وكذلك سوء متابعته وتقويمه للمتربي أورثه هذا القصور, وإلا فلا نشترط بقاء المتربي مع المربي تحت نظره طيلة الحياة, ولكن قد يُوجه لمحضن آخر سواء في دراسته الجامعية, أو مابعد ذلك, وهكذا.

 

5. ضعف المنتج التربوي لدى البعض, وتماهي مواهبهم, وتدني مستواهم العلمي, والتربوي, وهذا راجع أنهم قد يستلهمون التربية بالطريقة الجماهيرية العامة فلا هناك خطة تضم تربيتهم على مدى الفترة التي سيقضونها (احتمالاً) فمثلاً سيقضي ثلاث سنوات..لابد أن تكون هناك خطة فيها برامج ذات أهداف تتلائم مع المتربي من جميع جوانب شخصيته (الإيمانية -العلمية -الاجتماعية -الدعوية -الشخصية …).

 

  *ومع هذه الاعتبارات فإنها دعوة لإدراك أهمية التخطيط والتقويم أولاً ثم معرفة دقائقه وتنفيذ ذلك, وأضع إشارات متواضعة في ذلك:
1. المشاركة في دورات التخطيط, والتقويم التربوي والقراءة في المختصرات, واستشارة ذوي الاختصاص تختصر لك امتلاك هذه المهارة.
 

 2. العجلة في رؤية نتائج مثمرة تقتل العمل أحياناً, وهذا لا يتنافى مع المتابعة والتقويم. 

3. عندما تمتلك خطة تربوية لمن معك على المدى البعيد, وغيره فإنه سيكون من وجودك أثر, و في غيابك عدمية الخطر. 

4. إدراكك لحاجيات من معك, ومعرفة الفرص السانحة, وتيقظك للمخاطر والمفاوز القريبة منك تجعل من خطتك نموذجاً صادقاً في تنفيذها.
5. حين تكون أهدافنا أكثر واقعية, وأدق تفاصيلاً, وأرقى طموحاً, يمكن ملاحظتها وقياسها, فإنك تسير نحو منتج تربوي يبقى أثره أمداً بعيداً -بإذن الله-.
6. متابعة البرنامج التربوي وتقويمه على فترات محددة ومتفاوتة تخلق أجواء صحية من العمل قد يكون منها وجود ضعف أو خلل, أو صراع وتنافر, ولكن ليكن هناك صدر يتسع لذلك على دراية بالطرق المثلى لحل النزاع, وعلاج المشكلة.

7. سبر أحوال المتربي وحسن التعامل مع جوانب قوته وضعفه عمل ليس باليسير, ومن فقه التربية بغير ذلك, فهو يقضي وقته فيما لا يعود عليه بالنفع المرجو.
8. لا يقتصر المربي في خططه مهما كانت على ذاته فالاستخارة ثم الاستخارة, ويأتي مفهوم الاستشارة والاستئناس بآراء من معه وأهل الخبرة فإن ذلك كله يحبر الخطط تحبيراً رائداً -بإذن الله-.

  أخيراً ليس من دعوتي سوى الإشارة, وإلا فموضوع التخطيط والتقويم مما جفت الأحبار في تدوينه , ولكن يكتفي المربي بما يُفيده, ويجب عليه أن يكن على دراية في ذلك إذ من الأمانة أن يتحصل المتربي على تربية متوازنة, ومتابعة قويمة.

  

2 thoughts on “حسن التخطيط وإجادة التقويم”

  1. بسم الله الرحم الرحيم
    وصلى الله وسلم على الحبيب العدنان وعلى آله وصحبه وبعد..
    موضوع مركز يحمل بين ثناياه أفكارا كثيرة، يمكن أن تكون كل واحدة منها موضوعا منفردا..
    ولعل غياب منتجات تربوية كافية -كما تمت الإشارة إلى ذلك في الموضوع- من الأسباب الأكثر إلحاحا على ضرورة التخطيط الجيد.. فأن تقدم مادة تربوية جديدة فهذا يستلزم دراسة معمقة لوضع المنطقة والفئة المستهدفة، حتى يمكن تحقيق أكبر نسبة نجاح..

    شكرا على المعلومات القيمة.
    ولكم التحية

التعليقات مغلقة.

نُشرت بواسطة

إدارة الموقع

إدارة الموقع

موقع تربوي يقدم تجربته في الحوار والإثراء المعرفي من عالم التطبيقات وعالم الواتساب الصغير إلى عالم المواقع وعالم الإثراء الكبير.