مكونات الوسط التربوي – مدخل

بقلم: بـدر بـاسـعد
badr.bassad@gmail.com

بعد رحلة مع أنواع الأوساط التربوية ، ننتقل إلى حالة أكثر عمقا لنبحث في مكونات الوسط التربوي  …

سنلاحظ أن الوسط التربوي يتكون من ثلاث مكونات أساسية هي : ( المربي والمتربي والمنهج ) ومن الطبيعي أن أي وسط لا يمكن أن يظهر إلا من خلال عاملين أساسين آخرين هما ( المكان ، والزمان ) ويمكن أن نسميهما إحداثي الوسط التربوي وبهما يمكن تعريف وتمييز الأوساط عن بعضها البعض .. وقبل الحديث عن أي من المكونات ، سوف نثير سويا نقاشا حول هذا الإحداثي ..

وفي البداية : نلاحظ أن الإحداثي يحدد لك الإجابة على السؤالين التاليين :

– أين أنت ؟
ويجيب هذا التساؤل عن المكان الذي يعيشه الوسط التربوي فيقول : أنا في بيئة ريفية ، على ضفاف نهر الفرات .. ومن خلال هذه الإجابة يجيبك علماء الاجتماع أو المجربين عن طبيعة ( طلاب الوسط والمربين والأحوال المادية).

– أين موقعك على خط الزمن ؟
ويجيب هذا التساؤل عن الأحداث السياسية والتغيرات الاجتماعية والمستجدات الثقافية وآثارها على الوسط . وتكون الإجابة بتحديد الأوضاع الثلاثة ( سياسية ، واجتماعية ، وثقافية ) ومن ثم تحديثها باستمرار وتوقع آثارها على الوسط القريبة والبعيدة .

ولهذين العاملين آثار واضحة على أي وسط لا يمكن تجاهلها ، يمكننا أن نتحدث في هذه المقالة فقط عن عامل الزمن .


مناقشة عامل الزمان :

كما ذكرنا متغيرات العامل الزمني هي (لأحداث السياسية والتغيرات الاجتماعية والمستجدات الثقافية ) ومن أكثر المصاعب التي تواجه الأوساط التربوية هي مشكلة المواكبة والتجاوب مع هذه المتغيرات . وكمحاولة من أجل التغلب على هذه المشكلة علينا أن ندرك الآتي :
1- أن نستجيب لهذه المتغيرات يعني أن نقوم بإجراء التعديل والملائمة على كل من المنهج والمربي وربما المكان .
2- إجراء التعديلات على المربي يعني تزويده بفهم و وعي لهذه المتغيرات يستطيع من خلالها التعامل مع آثارها على الطلاب أو المتربين وذلك من خلال دورات وندوات ولقاءات وأشرطة ومجلات وبرامج تلفزيونية وغير ذلك .
3- إجراء التعديلات على المنهج يعني أن نضمّن المنهج موضوعات جديدة أو إعادة كتابة المناهج القديمة بأسلوب جديد وأمثلة معاصرة تجيب على تساؤلات المتربي المتعلقة بهذه المستجدات كإجراء علاجي ، وتعلمه كيف يتعامل مع هذه المتغيرات وغيرها  كإجراء وقائي.
4- ألا تشعر أن مشكلتنا الأولى ليست في إجراء التعديلات ولكن في اكتشاف التعديلات اللازمة ؟! ولذا علينا من أجل اكتشاف التعديلات تشكيل لجنة واحدة فقط في البلد الواحد وليكن اسمها ( لجنة المتغيرات التربوية ) وظيفتها اكتشاف التداعيات الزمنية على العملية التربوية والنصح بأولويات لكل مرحلة من خلال نشر كتاب سنوي يلخص فيه : الحدث ثم الآثار على الأفراد ثم أكثر الشرائح تأثرا ثم أهم المفاهيم التي تعين على مقاومة هذه التداعيات ثم الأساليب المقترحة .
5- حلقة الوصل بين الوسط وبين هؤلاء النخبة هي الاجتماع السنوي لمشرفي الوسط التربوي الذي تحدد فيه الخطة السنوية .. ينبغي أن تتم مناقشة هذا الإصدار والاتفاق على بعض الموضوعات التي تتعلق بها ، والأساليب المختلفة.
6- يجب أن ندرك أن ثمة جزء أو أجزاء في المنهج التربوي لا يمكن أن تتغير ولا ينبغي أن تُزاحم كالتربية بالقرآن الكريم وبالسيرة النبوية العطرة ، ولكننا من خلال طرحنا لها يمكن أن نضمّنها أحكاما متعلقة بالنوازل المستجدة.
7- ربما لا توجد مثل هذه اللجنة النخبوية التي تصنع هذا الصنيع البديع ، ولكنك أيها المربي قادر على رصد هذه التغيرات وتوقع بعض الآثار على المتربين ومن ثم فإنك تؤهل نفسك بسؤال أهل العلم أو القراءة من الكتب من أجل أن تكون قادرا على التغلب عليها بإذن الله تعالى.
8- ثمة ملاحظة أخيرة ينبغي أن يدركها المربي أن اللجنة المزعومة في الحقيقة ( موجودة ) ولكنها في صورة اجتهادات فردية تحتاج من يجمعها . فعلى سبيل المثال : حين استجدت موضوعات العولمة والانفتاح الثقافي وجدنا من المربين من تكلم عنها كالشيخ محمد الدويش ، د. عبد الكريم بكار ومحمد قطب وغيرهم وصدرت عدد من الكتابات والمقالات حولها . فهذا يعني أن هناك جهودا كثيرة مبذولة تحتاج إلى تقنين وترتيب من أجل أن تصبح أكثر إنتاجا. هذه الجهود كلها تحتاج إلى من يقرأ ويجمع الآثار المختلفة ثم يفرزها ويضع برامج توعوية تجاهها ..

badr.bassad@gmail.com

8 thoughts on “مكونات الوسط التربوي – مدخل”

  1. جميل جدا

    مشكلتنا الأولى ليست في إجراء التعديلات ولكن في اكتشاف التعديلات اللازمة ؟! ولذا علينا من أجل اكتشاف التعديلات تشكيل لجنة واحدة فقط في البلد الواحد وليكن اسمها ( لجنة المتغيرات التربوية ) وظيفتها اكتشاف التداعيات الزمنية على العملية التربوية والنصح بأولويات لكل مرحلة من خلال نشر كتاب سنوي يلخص فيه : الحدث ثم الآثار على الأفراد ثم أكثر الشرائح تأثرا ثم أهم المفاهيم التي تعين على مقاومة هذه التداعيات ثم الأساليب المقترحة

    بوركت
    …..

  2. “إحداثي الوسط التربوي” و ” لجنة المتغييرات التربوية”

    مسميات رائعة ومعبرة وأفكار أروع..

    جزاك الله خيرا على هذه الإضافة

التعليقات مغلقة.

نُشرت بواسطة

إدارة الموقع

إدارة الموقع

موقع تربوي يقدم تجربته في الحوار والإثراء المعرفي من عالم التطبيقات وعالم الواتساب الصغير إلى عالم المواقع وعالم الإثراء الكبير.