بقلم: بـدر بـاسـعد
badr.bassad@gmail.com
ليست قضية الاهتمام بالمهارات بالأمر الذي يحتاج إلى مزيد إقناع وتكرار للتأكيد على أهميته وضرورة الحاجة إليه فقد تجاوزت الأوساط التربوية هذا الأمر . وبدأ موضوع التأكيد على تأهيل المربي يتخذ مساحة نقدية ومن ذلك ما قاله الشيخ محمد الدويش :
يبدو جليا أن كتابة سيناريو إيجاد المفاهيم أصعب من سيناريو إيجاد المهارات ومن الأسباب لهذا الأمر ما يلي :
1- الحاجة إلى مزيد من التعمق والنظر المزدوج . فالموقف الذي كنا نكتبه في سيناريو المهارات يعتمد على الناحية المادية في التعامل بينما يعتمد استنباط المفاهيم اللازمة على إدراك الجانب المعنوي من التعامل المادي . ولكي نكون قادرين على إدراك هذه المعاني لابد أن نكون أكثر قدرة على التفلسف بمعنى أن نسأل أنفسنا عند كل موقف : لماذا حصل هذا ؟ .
2- مصطلح المفاهيم وإن كان دالا على جنس واحد إلا أن هذا الجنس ينقسم إلى نوعين هما : المفاهيم الوقائية والمفاهيم العلاجية . وعادة ما تتسم المفاهيم الوقائية بالثبات وأما العلاجية فهي بحسب الحاجة .ولذا يبدو أننا نحتاج إلى سيناريو لكل منهما.ولم أقسم المهارات إلى هذين القسمين لأن عادة المهارات أنها تتسم بالاستقرار والثبات .
3- المتابعة في غرس المفهوم عملية أساسية في العمل التربوي تحتاج إلى جهد كبير ومربٍ قدير يجمع بين قوة الملاحظة وحسن السؤال وجزء كبير جدا من التغابي !
ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي
4- العلاقة بين المفهوم والمهارة علاقة تكاملية تظهر جليا حين نعرف أن الإنسان ما هو إلا قالب يتم تغذيته معرفيا بالعلوم النافعة والأفكار الجيدة ومن ثم تتوق نفسه إلى تطبيق ما تعلمه وعند هذه الخطوة يحتاج أن يتعلم المهارات اللازمة لكي يطبق ما تعلمه . وبهذا التوضيح نفهم العلاقة جيدا . ومن أبرز مشكلاتنا في جميع المؤسسات أننا لا نهتم بصياغة المفاهيم ولا نشر المهارات وإنما نسير بالمفاهيم السائدة ونعتمد على الموهوبين وذوي القدرات العالية .
5- التربية هي غرس المفاهيم الصالحة ، ولا تربية بدون غرس مفاهيم جيدة في الإنسان تنعكس على تصرفاته . إن تصرف رجلين تجاه موقف واحد قد يكون في غاية النبل والمروءة ولكن الفرق بينهما يكون كما بين السماء والأرض حين نفهم دوافع كل منهم. وتعديل الدوافع لكي تتناسب مع مراد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام هو بالضبط غاية التربية الإسلامية.
6- دورة ( مهارات غرس المفهوم التربوي ) مهمة جدا للمربين، وأهم منها ( مهارات متابعة غرس المفاهيم التربوية ) ونحن في هذه المقالة لا نناقش هذه ، ولا تلك ، بل نناقش ما قبلهما جميعا ( مهارة اكتشاف المفاهيم اللازمة لعملية التربية ) .
7- مدرسي الحلقات على نوعين: فالأول يعتبر نفسه بمثابة جهاز الصراف الآلي أو ماكينة المياه الغازية يرى أن عليه فقط أن يسمع للطالب المنتظم وأما الطالب مقصّر فيكتب فيه ملاحظات ليرفعها إلى المشرف ومن ثم يتم التعامل معه بالأسلوب الرسمي . وأما النوع الثاني : فهو الذي يرى أنه أب وأخ وصديق رحيم رؤوف ودود ، يؤلمه تأخر أحد طلابه في الحفظ .. تماما كما يؤلمه ألا يلتزم أحد المتفوقين في الحلقة بالخلق الحسن .. فهذا المدرس مع حرصه الشديد على الحفظ إلا أن فهمه يدله على قيمة العمل بالقرآن ومنزلة الأخلاق العالية في القرآن الكريم . فمن أي النوعين أنت أيها المربي؟
أصحاب النوع الثاني هم الذين يهمهم أمر هذه المقالة وأما أصحاب النوع الأول فأقول لهم : يا حفظة القرآن : إن كانت هذه عقولكم فقد استرحتم !
التعليقات مغلقة.
أكمل بورك في قلمك
جزاك الله خيرا على هذا الفهم و العلم . و أسأل الله تعالى أن يرزقنا العمل . اللهم آمين .