آفاق رمضانية [2]

بقلم: سعيد بن محمد آل ثابت

Thabit66@gmail.com


حين تسمو نفس المؤمن في أجواء وروحانية رمضان فلا تلبث إلا أن يكون أثر ذلك في الجوارح لاشك , وقد قال –صلى الله عليه وسلم-:”من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” , وهنا يأتي معنى الصوم الحقيقي في ضبط الجوارح , ومن ثم أطرها على الحق , حتى وإن كان الصائم من ظُلم وأُخذ حقه فإنه يستمر في مدرسة الحلم وضبط النفس والأعصاب , ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم” , إن الصائم الرباني له مع جوارحه في رمضان دورة تدريبية في توجيهها التوجيه الصحيح , وهي فرصة من الفطنة استباقها : وإن  الجوارح مفاتيح خير للمؤمن إذا وُفق في كفها عما يُغضب المولى – جل وعلا – ومن ثم جاهد نفسه لإيجاد البديل الناجع فحري أن يصف مصاف الأولياء . ونعجب حقاً ممن بلغه الله الشهر , وأتم عليه نعمته بوافر الصحة والقوة , وقد أخذت نفسه زمناً مع المعصية والعادة السيئة , وقد تردد في قرار لوقف ذلك – لأسباب عدة -, ولكنه لم يخالجه أن يستوحي معاني الشهر المبارك : ليجعلها بداية محرقة لنهاية مشرقة (بإذن الله) . . إنها سؤالات واستفهامات أوجهها لنفسي أولاً , ولإخواني وأخواتي ثانياً عبر أثير  رمضان الروحاني . .


أقول :
– ألا يحين لمن أراد أن يرقى بسمعه للقرآن , وأطايب الكلام أن يتنغم بآيات الذكر , وأروع التلاوات ليحلها محل مزامير الشيطان, وفاكهة المفاليس ؟


– إلى ذلك الذي لطالما أشغلته المقاطع  والمناظر والصور والأفلام والمسلسلات الحارمة عن التفكر , وتفرغ القلب لله , ألا يجد من هذا الشهر عزيمة ليتلذذ بمطالعة المصحف الكريم , والتفكر في آلاء الله المجيد ثم ليقصر نفسه عن الباطل قصراً , ويجاهد ذاته في ذلك . .


– أنت يا من لم يقف لسانه عن الغيبة والشماتة , وعن الهراء والمجادلة . . أوقن أنك ستجدها فرصة لترطيب لسانك بذكر الله فيكون ذاكراً شاكراً , ألا تجعل هذا اللسان الذي لاطالما أشغلك والآخرين عن الخير فلا يلبث حتى يكون تالياً لكتاب الله, يتغنى بآيات الذكر الحكيم ؟


– إلى  ذلكم الذي لا يعلم ما أكل من حرام أم حلال , فقد يكن الجسد نبت من سحت وهو لايعلم , يريد ليتخلص من ذلك منذ علم الحكم , ولكن الشيطان طوق عقله , والدنيا أغرته بالأماني الزائفة , والخدع الباطلة . .  ولكن أتت الهبة من الله حين اُعتقلت الشياطين ,  وبات يستمع لنداء الملك (يا باغي الشر أقصر ) فيطهر مأكله ومشربه , ويستأنفها تجارة مع الله , ولكن بعملة جديدة تقوم على البر  و الإحسان . .


– أيا من أشغل فكره وجسده بكثير من الشواغل الدنيوية , والهوامش الحياتية أما يرنو لأن يستعيد قواه الداخلية فيتوجه للصالح من العمل , والباقي الحسن من الأثر , فيجد رمضان مؤيداً ونصيراً له , فيألف الخير ويألفه , ويرسم اسمه مع السابقين إلى الخيرات ! حتماً سيجدها فرصة لتوظيف مهجته لله . .


– قف!  يا من أشغلته شهوته من الحق , وأوردته غريزته أوحال الغي والضلال  فقد أدركت رمضان , واستطعت أن تكف بعض ملاذ النفس وحاجته نهار الشهر , إنها فرصتك لأن تنفك من ربقة الفواحش والملهيات , وتتخذ من المسجد سكناً , ومن القرآن صديقاً . .


– وهناك الكثير من النداءات الربانية , والآفاق الرمضانية لتوجيه جوارحنا وإراداتنا صوب مراد الله وغايته في هذا الشهر الكريم, وإن رمضان يحمل كثير من مراكز التدريب التي تؤهل من يلتحق فيها أن يمتلك المهارة الكافية لممارسة حياته على ما يرضي الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نُشرت بواسطة

إدارة الموقع

إدارة الموقع

موقع تربوي يقدم تجربته في الحوار والإثراء المعرفي من عالم التطبيقات وعالم الواتساب الصغير إلى عالم المواقع وعالم الإثراء الكبير.