أسس وتجارب في التعامل مع الناس1


فن التعامل مع الناس فن لا يتقنه كل أحد ؛ بل يحتاج إلى مهارات خاصة قد يجبل عليها الإنسان أو يرثها، وقد يكتسبه ممن حوله، وقد يتعلمها من القراءة والمعرفة والمعايشة والتجربة.


ولقد اهتم ديننا الحنيف أيما اهتمام بالخلق الكريم وحسن التعامل مع جميع الناس , وأن يقابل المسلم السيئة بالحسنة ,قال تعالى : وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) سورة فصلت.

بل جعل الإسلام درجة حسن الخلق وطيب التعامل مع الناس مساوية لدرجة الصائم الذي لا يفتر والقائم الذي لا يفتر , عَنْ عَائِشَةَ ، رَحِمَهَا اللَّهُ ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ. أخرجه أحمد 6/64 و”أبو داود” 4798 , الألباني : صحيح الترغيب والترهيب 3/5.


وهذه الرسالة تتحدث عن بعض الأسس والتجارب في التعامل مع الناس وهذه الأسس هي :
أولاً : لا تتعامل مع الجانب المظلم في الناس :

ما من إنسان إلا وتتنازعه قوتان : قوة الخير وقوة الشر . فأيهما انتصر كانت طباع الإنسان عليه . فإذا انتصر الخير كان الإنسان مفيداً في مجتمعه نافعاً لذويه . وإذا انتصر الشر كان الإنسان مفسداً . فالناس على تقلب من أمرهم , يجتمع فيهم النور والظلمة , الحق والباطل , الجمال والقبح , وهذا الصراع هو سنة ربانية , وحكمة إلهية , وطبيعة بشرية , لأن الله لم يكتب العصمة للبشر؛ إلا للأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام .

وهذا الصراع هو صراع أزلي لا ينتهي لأن الربح والخسارة تكون لأحد الطرفين مرات،ومرات أخرى للطرف الآخر.


قال الشاعر:

الخير في الناس مصنوع إذا جبروا * * * والشر في الناس لا يفنى وإن قبروا

والنفس البشرية ستبقى دائماً في هذا التنازع بين الخير والشر ، بين الفجور والتقوى , قال تعالى : ” وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا”(7-8) سورة الشمس.


ومن الناس من هو مفتاح للخير ومنهم من هو مفتاح للشر , عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ.أخرجه ابن ماجة (237). الألباني ” السلسلة الصحيحة ” 3 / 320 .


قال أبو العتاهية :

الخير والشر عادات وأهواء * * * وقد يكون من الأحباب أعداء

للحكم شاهد صدق من تعمده * * * وللحليم عن العورات إغضاء

كل له سعيه والسعي مختلف * * * وكل نفس لها في سعيها شاء


فلا يوجد في الكون إنسان يكون خيراً محضاً , ولا إنسان يكون شرا محضاً خلا الأنبياء المعصومين عليهم السلام ,حتى أعتى أهل الأرض فجورا وعلوا واستكبارا كان يجتمع فيهم الخير والشر .


فها هو إن ابن آدم ( قابيل) حينما ارتكب أول جريمة قتل على ظهر الأرض وبعد أن قتل أخاه (هابيل )وعصى ربه وأباه تحركت بذرة الخير في قلبه فندم على فعلته واخذ يبحث عن مكان يواري فيه جثة أخيه . قال تعالى : ” فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) سورة المائدة.


وفرعون أشد الملوك تجبراً وعتواً وكفراً , فرعون الذي قال : { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (24) سورة النازعات.

فرعون رمز الضلال , قال تعالى : {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} (79) سورة طـه.

فرعون رمز العلو والاستكبار , قال تعالى : {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (4) سورة القصص.

قيل عنه : أنه كان فرعون بارا جداً بوالديه.

بل حينما تقرأ قصته مع موسى عليه السلام لا تجده شراً محضاً , بل تجد لديه بعض الرحمة والشفقة والإنصاف . فقد ترك قتل موسى على الرغم من شكه في أن هذا الطفل من الممكن أن يكون سبب هلاكه , قال تعالى : ” وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ” (9) سورة القصص.


وتأمل كذلك حواره مع موسى حينما دعاه إلى الإيمان بالله تعالى وحده , فترك موسى يعبر عن رأيه ويناظره بكل حرية ويأتي بالأدلة التي تثبت صدق قوله , وكان بإمكانه أن لا يترك لك فرصة من هذه الفرص ويأمر بقتل مباشرة , كما يفعا بعض الحكام مع معاريضهم .


قال تعالى يحكي هذا الحوار الرائع الماتع : (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ* قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ *قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ* قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ *وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ لِلْمَلإٍ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ* يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ * فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ * فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ *قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ * سورة الشعراء 23-51.


وقد ذكر لنا الرسول صلى الله عليه وسلم قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً لكن بذرة الخير تحركت في نفسه , فذهب إلى احد الرهبان وعرض عليه أمر التوبة فلم يلتفت هذا الراهب إلا إلى بذرة الشر في نفس الرجل فقتله وأكمل به المائة , ثم بحث عن رجل عالم فقيه فحرك بذرة الخير فيه وتعامل معها بحكمة فكان سببا لتوبة الله عليه ,فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ نَبِىَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ. وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِىٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ التي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ.قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ”.رواه البخاري (5378، 5420، 6175)، ومسلم (220) عن ابن عباس.


فالعاقل يختار الجانب المضيء في الناس ويتعامل معهم من خلاله ولا يختار الجانب المظلم فيهم .


وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – مع خالد بن الوليد رضي الله عنه والذي كان شديداً على المسلمين ودليله ما فعله في أُحد ضد المسلمين . لكن حينما أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ودخل الرسول-صلى الله عليه وسلم –مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد،فقال: (أين خالد ؟)…فقال الوليد: (يأتي به الله. فقال النبي:- صلى الله عليه وسلم-: (ما مثله يجهل الإسلام،ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيراً له،ولقدمناه على غيره)…فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده،فترك له رسالة قال فيها : (بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد…فأنى لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك،ومثل الإسلام يجهله أحد؟!…وقد سألني عنك رسول الله،فقال أين خالد-وذكر قول النبي-صلى الله عليه وسلم-فيه-ثم قال له:فستدرك يا أخي ما فاتك فيه،فاتتك مواطن صالحة).وقد كان خالد –رضي الله عنه-يفكر في الإسلام، فلما قرأ رسالة سر بها سرورا كبيراً،وأعجبه مقاله النبي-صلى الله عليه وسلم-فيه،فتشجع وأسلم” ( برهان الدين الحلبي:لسيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون 2/777).


وفي فتح مكة قال الْعَبّاسُ : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبّ الْفَخْرَ فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا قَالَ نَعَم مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ آمِنٌ” . ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هَدْي خير العباد 3/347 .


ومن هنا فقد شرع الإسلام سهما في الزكاة للمؤلفة قلوبهم , وهم قوم كانوا يُتَألَّفون على الإسلام، ممن لم تصحّ نصرته، استصلاحًا به نفسَه وعشيرتَه وقال ابن كثير : وأما المؤلفة قلوبهم: فأقسام: منهم من يعطى ليُسلم، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية من غنائم حنين، وقد كان شهدها مشركا. قال: فلم يزل يعطيني حتى صار أحبَّ الناس إليَّ بعد أن كان أبغض الناس إلي. (تفسير الطبري 14/312 , تفسير ابن كثير 4/167) .


أذكر حينما كنت بالخارج وكان ( بالعمارة ) التي كنت أسكن فيها حارس اشتهر عنه الفظاظة وسوء التعامل مع سكان ( العمارة ) والتعالي عليهم وكأنه صاحب ذلك المِلك, حتى أن كثيرا منهم ترك العمارة بسببه , لككني بحمد الله تعالى جاورت في ذلك المسكن لمدة ثماني سنوات , فكان يقول لسكان : أنا لا أحب إلا فلان فقد – يقصدني – فيتعجبون ويسألونني عن ذلك , ويقولون ماذا تفعل مع هذا الرجل ؟. فأقول لهم : الأمر أيسر مما تصورون لا شيء إلا أنني أحاول أن أتعامل مع الجانب المضيء فيه , وأشياء ميسورة جدا , يعني مثلا أنتم تمرون عليه كل يوم مرات ولا سلام ولا كلام , لكني كلما مررت عليه ألقيت عليه السلام وبششت وهششت في وجه , وهذا ما تعلمناه من الإسلام , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ. أخرجه و”أحمد” 2/391(9073) و”مسلم” 104.


عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَقشُوا السَّلاَمَ تَسْلَمُوا ، وَالأَشَرَةُ شَرٌّ.

قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ : وَالأَشَرُ الْعَبَثُ.أخرجه أحمد 4/286(18729) و”البُخَارِي” ، في (الأدب المفرد) 477.

كما أنني أصافحه وأسأله عن أحواله وأحوال أولاده , وأطلب منه أن يزورني ليشرب الشاي معه , وكلها أشياء بسيطة لم تكلفني شيئا ,فالبر شيء هين : وجه بشوش ولسان لين .


ثانياً : اقبل الناس على ما هم عليه :

لا تتطلب المثالية في اختيار الناس , وفي اختيار أسلوب التعامل معهم , فلذلك مما سوف يتعبك كثيرا في حياتك , بل اقبل الناس على ما هم فيه من خير وشر , وجمال وقبح , قال تعالى : ” وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) سورة الأنفال .

وقال : ” وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) سورة يوسف.

hamesabadr@yahoo.com

نُشرت بواسطة

إدارة الموقع

إدارة الموقع

موقع تربوي يقدم تجربته في الحوار والإثراء المعرفي من عالم التطبيقات وعالم الواتساب الصغير إلى عالم المواقع وعالم الإثراء الكبير.