بقلم: بـدر بـاسـعد
badr.bassad@gmail.com
لعلك لم تفكر في هذا الأمر يوما ما ، ولكنك تعاملت معه كثيرا .. وسيرا مع هدفنا الذي أردناه أن نعين المربي على توسيع أفقه من خلال تقسيمات وتفريعات عديدة ، مزودة بآثار كل تقسيم وعوامله المؤثرة فيها . ونبدأ بأصل الموضوع أولا .. ونتساءل هل الأوساط التربوية نوع واحد أم أنها متعددة ؟
يمكن تقسيم الأوساط التربوية تقسيمات مختلفة بحسب اختلاف الاعتبارات ، فمن ناحية المرحلة الدراسية : تنقسم إلى ابتدائية ومتوسطة وثانوية وجامعية . وأهمية هذا التقسيم واضحة وآثارها جلية ومنها : شروط اختيار المربي لكل مرحلة فالذي يصلح للثانوية لا يصلح بالضرورة للجامعيين .. وهنا أستغل الفرصة إلى الدعوة إلى وضع بعض الضوابط والشروط الواجب توافرها في المربين لكل مرحلة من هذه المراحل . أيضا هذا التقسيم يساعد في مراعاة الأهداف التربوية لكل فئة ، ومن آثار هذا التقسيم أيضا مراعاة الحالة النفسية التي يمر لها الطالب في كل مرحلة ومعرفة سمات الطفولة ، والمراهقة والشباب من أجل تقنين التعامل مع المتربي .. وقد أجادت مؤسسة المربي صنيعا حين أخرجت لنا كتابها الفذ ( نماء ) من أجل تحديد الأهداف التربوية لكل مرحلة من المراحل متبوعة بما هو أهم وهو ( معايير ) تقييم تحقيق الهدف بحسب المرحلة العمرية .
التقسيم الآخر هو تقسيم باعتبار ( بيئة العمل التربوي ) وتنقسم إلى قسمين : وسط تربوي مفتوح و وسط مغلق . فمثال الأول : وهو الأعم الأغلب الأوساط التي يقضي الطالب فيها بعض وقته ثم يذهب إلى منزله وحياته العامة ، أما الوسط المغلق فهو يشبه المدرسة الداخلية التي يقضي فيها الطالب يومه كله ولا يذهب إلى والديه إلا أيام الإجازات والمواسم . ومن الفروقات أن العوامل المؤثرة على العملية التربوية في الوسط المفتوح لا يمكن التحكم فيها بعكس الوسط المغلق الذي تقل فيه العوامل المؤثرة . ففي الوسط المفتوح البيت يؤثر ، الأقارب والجيران والنوادي والأسواق كل هذه قد تشغل الطالب عن البرنامج وقد تسير ضد البرنامج التربوي المعد . وفي الوسط المغلق تكون المتابعة التربوية أكبر وأيسر ،ومن السهل معرفة المتغيرات التي تطرأ على المتربي بسرعة مما يجعل تداركها أقرب منالا ، أما في الأوساط المفتوحة فتقل درجة الشعور بتغير المستوى . كما سنلاحظ أن الأوساط المغلقة تحتل البرامج التربوية فيها حجما كبيرا لا يقارن بتلك المفتوحة ، ومساحة التربية أيضا تكون كبيرة وتظهر آثار التربية بشكل أوضح .كما يمكن متابعة بناء المفاهيم بشكل أكثر وضوحا من خلال النقاشات المتكررة التي تتيحها الحياة المتقاربة بين المربي والمتربي.
تقسيم ثالث باعتبار ( الحالة الاقتصادية ) فتنقسم إلى ثلاث أنواع : مقتدرة ، متوسطة الدخل ، محدودة الدخل. ولا يخفى عليكم أثر هذا العامل في مدى تفرغ الطالب أو انشغاله بما يصلح أسرته ، حجم البرامج المقامة وقوتها بسبب توفر الدعم المالي ، نوعية الجوائز والهدايا التي تمنح للمتربي فمن المناسب أن تكون معينة للطالب الفقير على سد احتياجاته المادية واحتياجات أسرته.
تقسيم رابع باعتبار ( بيئة العمل التربوي أيضا ) وتنقسم إلى قسمين : القرى والمدن . فالعوامل التي تحكم النظام الاجتماعي في القرى تختلف عن القرى ومن ذلك : أن القرى أشد تماسكا أسريا ، تقوى فيها الروابط الاجتماعية وتصبح الالتزامات في المناسبات أشد أهمية ، عادة يكون أغلب الأفراد من نفس العائلة ، الوعي الثقافي أقل من المدن. وفي المدن تقل نسبة هذه الارتباطات العائلية ويتحسن الدخل الأسري ، وترتفع مستويات الطلاب الثقافية.
كل هذه التقسيمات تجعل المربي( المعلم ) يتأمل في وسطه الذي يتعامل معه أي الأنواع ، ولذا أجد من المهم وضع جدول لتسهيل عملية تعيين حالة الوسط يمكن أن يستفيد منه كل من له علاقة بالعمل التربوي :
العامل |
الحالة الاقتصادية( محدود / متوسط / مقتدر ) |
المرحلة الدراسية( ابتدائي / متوسط / ثانوي / جامعي ) |
بيئة العمل التربوي (1)( مغلق / مفتوح ) |
بيئة العمل التربوي (2)( مدينة / قرية ) |
النوع
|
متوسط
|
ثانوي |
مفتوح |
مدينة |
السمات |
القدرة على دفع الاشتراك الشهري. لا أحد فيهم يحتاج إلى إعانة أسرته إلا فلان …. وهكذا . |
مرحلة المراهقة |
عدد العوامل المؤثرة ثقافيا واجتماعيا على تربية الطالب إيجابا وسلبا |
حدد كيف يمكن لمجتمع المدينة التأثير في الطالب إيجابا وسلبا . |
التعليقات مغلقة.
بارك الله فيك اخوي سعد …..جزيت خيرا
جزيت الجنة يا أخ بدر
ونفع الله بك
جزاك الله خيرا.
معرفة أنواع الأوساط التربويّة مهمّة للمربّي. فهي تساعده على التعامل التربويّ السليم. ولكن تحديد هذه الأوساط ليس بالهيّن أو الميسّر في كلّ حين. فاليوم يواجه المربّي صعوبات جمّة. ففي الفصل الواحد يمكنه أن يجد هذه الأنواع أو أكثرها. وتلميذ القرية اليوم لم يعد منغلقا على بيئته فهو منفتح بالضّرورة على بيئات مختلفة يراها في وسائل الإعلام ويدرك اختلافها. كما أنّ العمليّة التربويّة نفسها لا تواجه كلّ نوع على حدة. وغيرها من المعطيات التي يحتاجها المربي ليواجه بها طلاب كلّ مرحلة.
مع ذلك تظلّ هذه التفريعات والأنواع جدّ نافعة والنّظر إليها من الأكيد فيه من الفائدة ما يجعل المربّي يقوم بعمله بأكثر راحة وما يجعل المتربّي أكثر انتفاعا بما يتلقّاه في الفضاءات التعليميّة المختلفة.
الموضوع حسّاس جدّا. ومشكور جدّا على البحث فيه. نفع الله بكم وجزاكم خير الجزاء.
وفيك بارك أخي دكوك 🙂
أبو عبد الرحمن /
جزاك الله خيرا
أختي وهيبة /
استفدت من تعليقك وملاحظتك
فعلا لم انتبه لتداخل أنواع الأوساط في المدرسة
ملاحظة دقيقة
شكرًا لك
جزاك الله خيرا أخي بدر
لدي ملاحظة على استخدام تعبير الوسط المغلق. أرى أنه في عالمنا اليوم لا يوجد وسط تربوي مغلق فعلا، فوسائل الاتصال الحديثة والانترنت والشبكات الاجتماعية كلها تؤثر على المتربي. وعلى فرض عدم وجود هذه المؤثرات فهناك بلا شك زملاء دراسة و أصدقاء و غيره
لذا أرى من الأنسب أن نقول الأوساط التي يطول فيها مخالطة المتربي للمربي والأوساط التي يقل فيها ذلك
أخي ابرهيم /
ملاحظتك في محلها تماما .. ولكن لا بد من التفريق بين مقامي النظر التأصيلي والنظر الواقعي ..
ففي مقام النظر التأصيلي يتعرض المتكلم إلى مسائل قد لا تحدث .. ولكن مقام النظر الواقعي يقتصر على ملابسات
الواقع .
وهذه السلسلة بالعموم الهدف منها ( زيادة وعي المربي ) .
والوعي لا يأتي إلا بالتأصيل والتقسيم والقوانين .. وهذا هو الذي دعاني لذكر هذا التقسيم ..
بارك الله فيك ، وفي القراء أمثالك .
اعتراض وجوابه :
قد يقول قائل ( ولكن التقسيم إلى وسط مغلق ومفتوح قد ذهبت فائدته بانعدام المغلق ) ..
فالجواب /
أولا / أن فائدته لم تذهب إذ الغرض من التقسيم لفت الأنظار إلى أن هناك عوامل خارجية مؤثرة على الوسط ، هذه
العوامل قد تزيد وقد تنقص ، وعلى المربي التفكير فيها والتفاعل الإيجابي معها من خلال ترشيدها ( الاقتصار على
النافع منها ) أو استغلالها ( توجيهها لخدمة الهدف التربوي ولو لم يكن هذا مقصدها ). وسوف يمر معنا بإذن الله
تعالى مقالتان عن أسلوب التحليل الثقافي والتحليل الاجتماعي للوسط التربوي.
ثانيا / إن لم يكن هناك وسط مغلق تماما فلا شك أن الأوساط بالعموم تتفاوت في الإنغلاق والانفتاح فليست على درجة
واحدة وبالتالي يمكن أن يكون هناك أوساط شبه مغلقة خذ مثلا : هل يعني وجود الانترنت أن الطلاب في المدرسة كلهم
يستخدمونه أو أغليهم ؟ كلا ، لا يلزم هذا ..
ولا يلزم أيضا وجود الانترنت أن الطلاب يدخلون كل المواقع التي على الشبكة بل عادة تكون مواقع معينة ( كمبيوتر ،
بل إن طلاب الأبتدائية لا تزال أوساطهم تعتبر شبه مغلقة باعتبار أن المؤثرات محصورة في ( البيت ) و ( المدرسة ) و (
قنوات الأطفال ) ..
وأخيرا : أكرر أن معرفة التقسيمات مدخل لتصور المسائل ، ولمعرفة العوامل المؤثرة في ( الحكم )
..
جزاك الله خيرا وماقصرت
إشارات نافعة
هلا .. أبو إلياس ..
شكرا لمرورك ..