مفاتيح القلوب [ 2 ]


8- التهنئة والمسارعة في المبشرات المفرحات .. ونعم المربي الذي يفوز دائماً بالمسابقة في إفراح وتبشير من معه لاسيما مع اهتماماته الخاصة , إذ ذلك لا يُنسى مهما عبر الزمان , ونذكر في ذلك قصة توبة كعب بن مالك التي رواها بنفسه , وحين سمع بتوبته اتجه لمسجد النبي .. ونستمع له ليكمل لنا الشاهد المراد (…قال كعب حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني , ووالله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال قلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال لا بل من عند الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه…) .


وهنا ننظر ما هو الأثر الذي تركه طلحة – رضي الله عنه –  ثم نشاهد المصطفى الذي يبشر كعب وقد فرح بذلك  بل لقد وجدوا الصحابة ذلك دوماً وعرفوه في مربيهم , فهو معهم في أفراحهم , وأتراحهم .

وهذا ما يتطلب على المربي حين يُنجز ذلكم المتربي أحد المراحل التعليمية  أو يُوفق لحفظ القرآن  أو يُكفى من مصيبة  أن يكن المربي موجوداً حين ذلك ليشارك  ويبارك .


9-  الكلمة الطيبة .. وقد كانت السمة الخالدة الذي يلقاها من لقي الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيعيد الحياة لروحه من جديد ولو في محنة أليمة  وقد قال عليه الصلاة والسلام :” والكلمة الطيبة صدقة “ وها هو  يمر بآل ياسر وهم يُعذبون من قبل قريش ويقول : “صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة “.

إن للكلمة الطيبة والخاطرة العاطرة أثرها الجميل في القلب فإما تنفيس أو ترويض أو تثبيت أو إسعاد .. إنها خير لا تأتي إلا بخير فحري بالمربي أن تمتلئ خزانته بذلك , ويكثر محبوه من جراء ذلك أيضاً .


10- التقدير والاحترام والاهتمام .. ففي الحديث أنه – صلى الله عليه وسلم – كان إذا حدث أحداً جعله تلقاء وجهه وأصغى إليه وأنه إذا أمسك بيد أحد لم يكن ليتركها حتى يكون الآخر هو الذي يترك يده ، وأن الأمة كانت تأخذ بيد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وتذهب به حيث شاءت ، وأنه استجاب للحباب بن المنذر في رأيه في مكان التخييم ليلة بدر ، واستجاب لنصيحة سلمان يوم الخندق ، وأنه -صلى الله عليه وسلم- لطالما يذكر قيمة أصحابه ، ويشكر أفعالهم ، ويعرفهم قيمة دورهم ، و يثمن سلوكياتهم النبيلة فيقول لعثمان لما جهز جيش العسرة : ” لا يضره ما فعل بعد اليوم “ ، و يسمي خالد ” سيف الله المسلول “ ، ويقول عن أبي بكر : ” لو وزن إيمانه بإيمان الأمة لرجحت كفة أبي بكر “ , ويقول عن عمر: “لو أن نبياً بعدي لكنت أنت ياعمر”.. إلى غير ذلك من دلائل تقديره لأصحابه وتعريفه لأهميتهم عنده وبين الناس .


11- الهدية ..وكم للهدية من أثرها الباقي في النفس من حب ووداد , وحسن عشرة , قال – عليه الصلاة والسلام- ( تهادوا تحابوا ) رواه البخاري في الأدب المفرد .

وإن من حسن الهدية أن تؤتى في وقت ومكان مناسبين , وأن يُحملها المُهدي خاطرة لطالما يريد إيصالها للمهدى له , وبذلك يكن للهدية معنى , ويسري أثرها .


12- حفظ الأسماء , والنداء بأحب الأسماء .. عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ :كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمًا وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلَاةَ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا)أخرجه البخاري في صحيحه .


13- الإيجابية , و خلق روح التنافس , والإقدام .. إذ النفس البشرية اعتادت أن تلتئم على من تجد ذاتها عنده , وتأنس حين تراه , وتعشق ردة فعله في الأزمات , وهذه من أجل صفة القادة والعظماء , وقد روي في غزوة مؤتة حين عاد جيش المسلمين , وخرج له الصبية والنساء مرددين يا فرار , يا فرار , فقال الرسول : ( ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله عز وجل ). و روى الإمام أحمد في حديث ساقه  عن عبد الله بن عمر قال: كنت في سرية من سرايا رسول الله ، فحاص الناس حيصة وكنت فيمن حاص، فقلنا : كيف نصنع وقد فررنا من الزحف ، وبؤنا بالغضب ؟ ثم قلنا : لو دخلنا المدينة قتلنا ، ثم قلنا : لو عرضنا أنفسنا على رسول الله فإن كانت لنا توبة ، وإلا ذهبنا . فأتيناه قبل صلاة الغداة فخرج ، فقال : (من القوم؟).قال: قلنا نحن فرارون. فقال: (لا بل أنتم الكرارون، أنا فئتكم، وأنا فئة المسلمين).


14- فن الإنصات والاستماع .. وهذا الفن هو فن القائد الناجح , والمربي البارع إذ به يفهم النفوس , ويُترجم المفاهيم , ويعي المطلوب , ونذكر موقف عتبة حين أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – ليُحاجه فتكلم عتبة حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يستمع منه قال:” أفرغت يا أبا الوليد ؟ “ قال : نعم ..  قال : ” فاستمع مني ” وأكمل النبي حديثه كما في الحديث المعروف , وهنا نجد أدب النبي الجم في استماعه وندائه خصمه بأحب الأسماء .


Thabit66@gmail.com

3 thoughts on “مفاتيح القلوب [ 2 ]”

التعليقات مغلقة.

نُشرت بواسطة

إدارة الموقع

إدارة الموقع

موقع تربوي يقدم تجربته في الحوار والإثراء المعرفي من عالم التطبيقات وعالم الواتساب الصغير إلى عالم المواقع وعالم الإثراء الكبير.