القوة النفسية هي قوة العزيمة والإرادة وحسن التوجه والقصد نحو عمل ما , ولا بد أن يسبق ذلك نية صادقة وقناعة ثابتة .
وهناك علاقة وثيقة بين الإيمان والقوة النفسية للفرد ؛ فالإيمان يمنح الإنسان قوة وطاقة نفسية تجعله يتحدى الصعاب ويقهر المستحيل .
قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) سورة الأنفال .
وقال تعالى في وصية لقمان لابنه : ” يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) سورة لقمان , وحث المؤمنين على تلك القوة فقال عز من قائل : ” لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) سورة آل عمران .
لذا فقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعزيز القوة النفسية في نفوس أتباعه حتى يجعلهم يواجهون الصعاب ويثقون بنصر الله تعالى لهم , قال تعالى:” هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ”. سورة التوبة الآية:33.
وعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ ، فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، فَقُلْنَا : أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ، أَلاَ تَدْعُو لَنَا ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ ، فَيُجْعَلُ فِيهَا ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللهِ ، لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللهَ ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ. أخرجه “أحمد” 5/109(21371) و”البُخَارِي” 4/244(3612).
ولقد بشرهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بفتح اليمن، والشام، والمشرق، والمغرب، حين كانوا في أشد حالات الضيق في غزوة الأحزاب (يوم الخندق) عام5 هـ .
وعندما وَفدَ تميم الداري إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه حبرى، وبيت عينون ومسجد إبراهيم علية السلام (حبرون)، وكتب له بذلك كتاباً . وهذه من أرض الشام التي كانت تخضع لحكم الدولة البيزنطية، فهي بشارة بفتح الشام.
وهذه القوة النفسية لا يدركك كنهها ولا يعرف قيمتها إلا العقلاء الشجعان , يقول الدكتور : إسماعيل رفندي : ” كما تتعدد الجوانب المختلفة والمتفاوتة في ذاتية الإنسان ،كذلك تتعدد مجالات القوة وفق الجوانب المذكورة , ليس هناك من لا يعرف القوة في المجال البدني، أي أن القوة البدنية معروفة لدى كل عاقل، وهي أيضا مجال اعتماد عند من يملكه حسب الظروف والمقاصد المختلفة , ولكن هناك أنواعا أخرى من القوة لا يعرفها كثير من الناس ولا يتطلع عليها إلا متابع أو ذو بصيرة مثل:القوة الروحية والقوة النفسية والقوة العقلية..الخ.
ويقول الأستاذ العقاد عن انضباط الإنسان : “وهذا قبل كل شيء هو مصدر الجمال في الأخلاق: مصدره أن القوة النفسية أرفع من القوة الآلية . . مصدره أن يتصرف الإنسان كما يليق بالكرامة الإنسانية، ولا يتصرف كما تحمله القوة الحيوانية، أو القوة التي يستسلم لها استسلام الآلات.
قال الشاعر :
جرِّب من العزمِ سيفاً تستعين به *** إن الترددَ بابً الضعفِ والكسلِ
والسعيً حتى وإن أفضى إلى خطأ *** خيرٌ من الجُبن والتشكيكِ والوجلِ
ساءَ الفتور ولو سميتهُ حذراً *** ما أصغر الفرق بين الموت والشللِ
مجدً الحياة لمن يبغيه مقتنعا ً *** ما من نجاحٍ إذا فكرت بالفشلِ
وهذه القوة هي التي تحدث عنها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال : النفس لها قوتان: قوة علمية نظرية، وقوة إرادية عملية، فلا بد لها من كمال القوتين لمعرفة الله وعبادته. انظر : مجموع الفتاوى (9/ 136).
وقال ابن القيم: إن الكمال أن يكون الشخص كاملا في نفسه مكملا لغيره، وكماله بإصلاح قوتيه العلمية والعملية، فصلاح القوة العلمية بالإيمان وصلاح القوة العملية بعمل الصالحات. مفتاح دار السعادة (1/ 56).
وقد أدركت هذا المعنى أم سفيان الثوري عندما قالت له: اذهب فاطلب العلم حتى أعولك بمغزلي هذا، فإذا كتبت عدة عشرة أحاديث فانظر هل تجد في نفسك زيادة فاتبعه وإلا فلا تتعن . السير للذهبي: (7/ 269).
قال والتر باجيهوت : المعتقدات القوية تفوز بالأشخاص الأقوياء ثم تجعلهم أكثر قوة .
وقال جون ستيورات ميل: شخص واحد يتمتع بالإيمان يساوي قوة تسع وتسعين شخصا لديهم مجرد اهتمامات .
من هنا كان اهتمام الإسلام بأمر النية كمصدر أساسي للقوة النفسية , حتى ربطها بجميع الأعمال , وفي الحديث الشريف , قال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى . ( متفق عليه ).
بل إن المرء يؤجر على هذه النية الصادقة التي هي مصدر القوة النفسية , فمن كانت همته وقوة نفسه نحو الخير نال الأجر عليه وإن لم تتيسر الأقدار لفعله , وعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً. أخرجه أحمد 1/227(2001) و”الدارِمِي” 2786 و”البُخَارِي” 8/128(6491) و”مسلم” 1/83(256) .
عَنْ سَعِيدٍ الطَّائِيِّ ، أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ الأَنْمَارِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ ، قَالَ : مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً ، فَصَبَرَ عَلَيْهَا ، إِلاَّ زَادَهُ اللهُ عِزًّا ، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ ، إِلاَّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ ، قَالَ : إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ : عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا ، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً ، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ ، يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا ، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَلاَ يَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا ، فَهُوَ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ. أخرجه أحمد 4/231 (18194) و”التِّرمِذي” 2325 قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3024 في صحيح الجامع.
وعَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ، بَعْدَ أَنْ رَجَعْنَا:إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لأَقْوَامًا ، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا ، وَلاَ هَبَطْتُمْ وَادِيًا ، إِلاَّ وَهُمْ مَعَكُمْ ، حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ. أخرجه أحمد 3/341(14731).
قال الشاعر :
يَا رَاحِلِينَ إِلى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَقَدْ * * * رُحْتُمْ جُسُومًا وَرُحْنَا نحْنُ أَرْوَاحَا
إِنَّا أَقَمْنَا لِعُذْرٍ قَدْ أَلَمَّ بِنَا * * * * وَمَن أَقَامَ عَلَى عُذْرٍ فَقَدْ رَاحَا
وعن أبي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ , عَنْ أَبِيهِ , أِنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:مَنْ سَأَلَ الله الشَّهَادَةَ بصَدِقً مِنْ قَلْبِهِ , بَلَّغَهُ الله مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ , وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ.أخرجه الدارمي (2407) و”مسلم” 6/48(1965).
وعنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ أَحَدُ بَنِى سَلِمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُجَاهِدًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ قَالَ بِأَصَابِعِهِ هَؤُلاَءِ الثَلاَثِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ وَالإِبْهَامِ فَجَمَعَهُنَّ وَقَالَ وَأَيْنَ الْمُجَاهِدُونَ فَخَرَّ عَنْ دَابَّتِهِ وَمَاتَ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ لَدَغَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَكَلِمَةٌ مَا سَمِعْتُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَاتَ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ قُتِلَ قَعْصًا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ المَآبَ. أخرجه أحمد 4/36(16528) السلسلة الصحيحة 6/ 356.
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ حَتَّى أَصْبَحَ ، كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى ، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ. أخرجه ابن ماجة (1344) و”النَّسائي”3/258 ، وفي “الكبرى”1463 و”ابن خزيمة” الألباني حسن ) انظر حديث رقم : 5941 في صحيح الجامع .
وقَالَ أَنَسٌ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْجَنَّةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَطُّ ، إِلاَّ قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ، وَلاَ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ، إِلاَّ قَالَتِ النَّارُ : اللَّهُمَّ أَجِرْهُ.أخرجه أحمد 3/117(12194) و”ابن ماجة” 4340 والتِّرْمِذِيّ” 2572.
قال الشاعر:
من لي بسيرك المدلَّلِ *** تمشي رويداً و تجي في الأوَّلِ
والرجل الذي يتسم بالحلم والهدوء النفسي والرضا بما قسم الله تعالى هو أغنى الناس وأسعدهم حالاً وأبعدهم عن الهم والحزن والقلق , عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ : أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ « يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ ». قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِى وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ : أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ». قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ « قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ ». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّى وَقَضَى عَنِّى دَيْنِى.أخرجه أبو داود (1555).
فقوة المسلم النفسية وسلامتها من كل ما يعتريها هي الوقود والمحرك لها في حياتها وهي التي تدفع بها نحو القرب من الله عز وجل, وهي التي تجعل المسلم ذا همة عالية نحو مد يد العون للمجتمع المحيط به ليكون مصلحاً له مقبلاً على العمل من أجله، بل وتجعل المسلم يحيا عزيز النفس وإذا توافرت النفوس القوية بهداية الله وجد المجتمع قوي .
قال الشافعي رحمه الله :
أنا إن عشت لست أعدم قوتا**وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسي**نفس حر ترى المذلة كفرا
وإذا ما قنعت بالقوت عمري**فلماذا أزور زيدا وعمرا؟
فلتكن لديك – أيها العاقل – تلك القوة التي هي مصدر إيمانك وثقتك بربك , ثم ثقتك بنفسك وبقدراتك , والتي من خلالها تواجه الصعاب وتهزم اليأس وتحقق السعادة والنجاح .
التعليقات مغلقة.
مقال رائع ، لشخص رائع ، لديه قوة نفسية رائعة ، اكتسبها من إيمانه بربه ،وثقته بنفسه ، وبقدراته ، فأراد أن يعلمها غيره ، فكانت هذه الجرعة الإيمانية ، الكبيرة والقوية ، والتى من خلالها ـ كما ذكر فى المقال ـ يواجه العاقل الصعاب ، ويهزم اليأس ، ويحقق السعادة والنجاح . تحية إلى أخى فى الله الأستاذ الدكتور: بدر هميسة ، نفعنا الله بعلمه وقوله ، وأسعدنا بوجوده ، وشفاه الله وعافاه .