بقلم: سعيد بن محمد آل ثابت
Thabit66@gmail.com
كان لرمضان ولازال مزية كما أسلفنا في توافر الأعمال , ووفرة فرص الخير , ومما يزيد على ذلك أنه يأخذ أُفقاً آخر لأرباب المسؤوليات والمهام , ممن كان لهم آمال وتطلعات في تعديل سلوكيات معينة , أو تقويمها , أو حتى تبليغ النفع والفائدة للمجتمع , وإنه بلا مبالغة تحين هذه الفرصة السانحة في شهر رمضان المبارك , حين يجد المؤمن معظم المهج من حوله تتجه نحو (سابقوا إلى جنة عرضها السموات والأرض …) .
– كم سأم ذلك الأب المسكين من بعد أبنائه عن المسجد , وتخلف بعضهم عن الصلوات , وكم ارتاع من مكث بعضهم عن تقليب صفحات المصحف حقباً كثيرة , وكم حاول جاهداً أن يلثم عبارات السوء والتعيير من فيّ فلذة كبده , وكم ترنمت ألحانه بوجود ابن بار يؤازره في مهامه ؟ كم .. وكم .. سيجد الأب أنه رقى إلى سفينة النجاة حين بلغ هو وابنه الشهر الكريم ! فالمسجد عامر بالمصلين , النفوس تتجه لرب العالمين , و محاضن الخير و الطاعة مشرعة أبوابها, وهناك من الوسائل التي تعددت , وتنوعت خلال هذا الشهر الكريم لفعل أكثر من ذلك مع الأبناء , ولا أقل من اصطحابهم للصلوات , أو معايشتهم في معتكف الحي عدداً من الأيام , ولا يزال رمضان فرصة للآباء …
– وإلى مدرسة الأجيال , والقلب الحنون الذي يخفق قلبها فرحاً وخوفاً , ولا يحق له السكون البتة حتى يسكن القلب عند فراق هذه الحياة , وكل ذلك لأولئك الأبناء من بنين وبنات .. نقول وقد أسلفنا الحديث عن الأب ستجد هذه الأم استعداداً من أبنائها نحو التغيير الإيجابي لا سيما في هذا الشهر , وهي بدورها تستطيع ضبط الأبناء من حيث أوقاتهم , ومشاهداتهم الإعلامية , وطريقة صيامهم وقيامهم , وقد قال النبي-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح :” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته” .
– المربي الفاضل , والمربية الفاضة ها قد أتاكم هذا الشهر محمل بكثير الهبات والعطايا , فهلا امتلأت جعبكم بمزيد من البرامج المكثفة لتعريف المتربين بربهم , وتقريبهم خطوات وخطوات نحو ميادين الخير والإحسان , هل سيجد المتربي منكم معاشر المربين دفعة لهم نحو الأمام من خلال التصاقك بهم , وهل أنت ستفرغ شيئاً من الوقت للإلتمام حولهم , وبذل الجهد والوقت (وهذا بالتأكيد بلا ضرر و لاضرار) لاستصلاح الخطأ , وتقويم السلوكيات , وتعزيز الإيجابيات .. كم هي الآليات التي ستمنح من معك رقياً في الإيمان , والسلوك , والأخلاق , لاسيما إن دمجت بين البرامج الترفيهية , والإيمانية , وكذلك إعطاء كل شيء حقه من العبادات , والطاعات .. إنها فرص قد لا تجتمع إلا في رمضان .
– إلى الداعية في سبيل الله , نقول ليكن لك الأثر الأول في أهل بيتك ,و في بيئتك , ومحيط مجتمعك … إنه الأثر الذي لقيه الصحب الكرام من المصطفى –صلى الله عليه وسلم- فكان خير محفز, وخير قدوة , وخير مستفيد من الأحداث والوقائع لتوظيفها في دعوة الناس إلى الله , وإنك تعلم مدى حاجة أهل الإيمان للتذكير والوعظ , ولا تكن قابعاً على نفسك وذاتك مريداً بذلك حصر الخير عليك .. إنك تعلم مدى جهدك في غير رمضان , فليضاعف في رمضان .. فلعل رمضان عليك لا يتكرر , وقد يكن من الناس تمر به , ورمضان الحاضر هو الأخير , وقد يفتح الله على يديك عدد من العائدين , والتائبين , والقانتين ..
– إمام المسجد ذاك الداعية والمربي والقائد .. اجعل من مسجدك جامعة للخيرات ,ليكن معداً ليقضي الصائمون فيه أكثر وقت ممكناً , وفر ما تستطيعه من دروس للرجال والنساء , ومشاريع لتفطير الصائمين , ومن تهيئة المسجد من الداخل للمعتكفين , والقراء , والقائمين , وحاول أن تتواصل مع المتخلفين عن الصلاة , وذوو العلاقات المتوترة مع أهليهم وجيرانهم , واجعل شيئاً من البرامج لوأد ذلك , واستصلاح الخلل , وتحفيز الهمم .. إنها فرصتك في رمضان ..
– إلى ذي المال ,وصاحب القدرة ألا يحين لك الآن أن تجود , وتجود , وتجود .. جد بمالك وليكن أعظم جودك في شهر رمضان , ولتكن بالفعل ممن جعل رمضان مطيته إلى الخير والبر , فأنت تعطي من مال الله الذي آتاك , والعجب من أولئك الذين امتلأت جعبهم من الأموال الوفيرة , ويتسابقون لرفات الدنيا وزخرفها وبريقها , وحق الله عندهم ضائع .. في هذا الشهر تكثر طرق صنائع المعروف من تفطير , وإطعام وكسوة للعيد , ومن القيام على المساجد بكفالة المعتكفين , والقيام على شؤون المساجد من توفير حاجياتها الكمالية كالماء , والتطييب , والبحث عن إسعاد القائمين والراكعين من وسائل وطرق عديدة , وإن البعض من الفطناء يستفيد بعد شيطان الجن حيث يستفرد بربه ثم يجعلها مذهبه في الحياة , فقد يكون رمضان فرصة لأن يدخل الجنة مع باب الصدقة .
– ونختم أن نوصل رسالة لذلك المسؤول صاحب الجاه (أياً كان ) .. نقول هل فكرت أن تجعل من مكانك مرفأً للخيرات والطاعات , بكل ما تستطيعه سواء للبرامج المجتمعية , أو لمحيطك الوظيفي الصغير , فأنت في هذا المكان قد يكون بتوجيهك , أو حرصك , أو دعمك لمسيرة ما تساهم في تعميق مفهوم هذا الشهر في نفوس الناس , ويكون لك دوراً ليس بهامشي في ترقية إيمان العبيد , واستصلاح ذواتهم .
* هذه نماذج بسطة لأفق رمضاني رسالته لذوي المسؤوليات , والمهام الملقاة على أعتاقهم , وغير هم كثير , وكل على حسبه , وأقول ليكن لنا مع رمضان بصمات في حياة الناس .